للحياة معنى آخر...
جلست على تلك الطاولة في ذاك المقهى المطل على الشارع المجاور.. تناولت كوباً من القهوة .. وبدأت في لم شتات أفكاري لأعيد ذكريات الأيام التي مضت.. سألت نفسي: كيف استطعت التخلص من تلك العزلة والوحدة القاتلة؟! كنت أجعل من النوم سبيلاً لتحقيق كل ما أرغب فيه.. وأحلم به.. قد يسخر البعض مني, غير أنهم لا يدركون أنني كنت أنتظر ساعة النوم لأعيش في عالمي الآخر.. أسيره كيفما شئت.. أعيش في مملكة أحكمها وأتحكم فيها, وتكون ملاذي حين أهرب من واقعي التعيس.. وعندما أنهض لا ألبث إلا سويعات قليلة لأعود وأصطدم بواقعي المر, وأعيش حالة صمت خانق.. وتمضي الساعات والأيام وكأنها نسمة هواء تجري وراء المجهول.. حتى أتاني صوتها عبر الهاتف هادئاً منسلاً كخرير الماء وهو يداعب أوراق الشجر المتساقط.. في ذاك الصباح الوردي ذي الإشراقة الساحرة, أحسست بدفئها يغمرني.. كأنها تغطيني بردائها.. حينها شعرت بشيء يشدني, ويحملني لأنهض من فراشي وأنتظر الهاتف لأسمع صوتها يناجيني.. لقد بدلت حياتي.. جعلتني أرى شروق الشمس وأسمع ألحان الطيور.. لقد جعلت للحياة معنى آخر.. لم أعد أنتظر ساعة النوم فهناك من هو أهم منه.. إنها زهرتي.. أرى طيفها يمر في كل مكان.. عشقت كل شيء يذكرني بها.. الجهاز, ومن أبتكره.. أحببت الحياة من أجلها إنني أسمع صوتها في أشيائي الجميلة.. يملؤني شعور بأن روحي تخرج من جسدي وتحلق لتعانقها.. تطير بها خلف تلك التلال لنجلس معاً على ضفة النهر نتجاذب أحلى الأحاديث.. لم أنتبه إلا على صوت النادل يقطع حبل أفكاري وهو يقول: سيدي.. حان وقت الإغلاق!!
التوقيع :
التوقيع :
ولا تحسبوا ضحكاتى بينكم فرحاً.... فالطير يرقص مذبوحاً من الآلمِ