لقد اقترب شهر رمضان المبارك واصبح منواجبنا ان نوععي ابناؤنا على بعض الخصال الحميدة والتي نحصد بها الخيرالكثير...
واليوم سوف نتحدث عن كيفية تعليمالابناء معنى العفو وقيمته....
قالالله : { إن الله لعفو غفور} الذي لم يزل، ولا يزال بالعفو معروفاً، وبالغفران والصفح عن عباده موصوفاً . كل أحدمضطر إلى عفوه ومغفرته ، كما هو مضطر إلى رحمته وكرمه. وقد وعد بالمغفرة والعفو ،لمن أتى بأسبابها ، ذكرالقرآن: { وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى }.
- والعفوُّ هو الذي له العفو الشامل الذي وسع ما يصدر من عباده منالذنوب، ولا سيما إذا أتوا بما يسبب العفو عنهم من الاستغفار، والتوبة،والإيمان، والأعمالالصالحة فهو الله يقبل التوبة، عن عباده ويعفو عن السيئات، وهو عفو يحب العفو ويحبمن عباده أن يسعوا في تحصيل الأسباب التي ينالون بها عفوه: من السعي في مرضاته،والإحسان إلى خلقه .
ومما لا شك فيه أن المجتمع الذي يتمتع أفراده بهذه الأخلاق الحسنةوالصفات الطيبة هو المجتمع القوي المنتصر بأخلاقه ومن الصعب اختراقه والتأثير عليهتأثيراً سيئاً. ذلك غير ما نراه في نماذج المجتمعات التي تحمل صفات سيئة وأفرادهاتسود بينهم الضغينة والكراهية والانتقام والأخلاق السيئة؛ فهذه تعكس لنا مجتمعاًفاشلاً وضعيفاً ويسهل التأثير عليه وتفكيكه.
وما هو مطلوب من المجتمع من أخلاق حميدة، يجب أن تتحلى به الأسرة أولاً لأنها هي النواة الرئيسية لتكوين المجتمع، ولكي نحصل على أسرة قويمة لا بد أن نغرس هذه القيمة في نفوس أفرادها وإعدادهم كي يحملوا الصفات الحميدة منذ صغرهم، ومن أجمل هذه الصفات الحميدة، قيمة العفو. فيجب تعليم الأطفال وتعويدهم على العفو وعدم إثارتهم على زملائهم في المدرسة مثلاً أو الحي، مع التركيز على أن العفو لا تأتي معه مذلة؛ بل يأتي عندما يكون الشخص قادراً عليه وفي نفس الوقت قادراً على الأخذ بحقه، وهذا يعني أن جانبه قوي وليس ضعيفاً.
ويجب تذكير الأبناء بالاقتداء برسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم في معاملته لصحابته وهديه لهم؛ فهو خير دليل إلى طريق الصلاح. وقد ركز الرسول صلى الله عليه وسلم على العفو في أحاديثه، فعن أنس رضي الله عنه قال: "سأل رجل رسول الله عن حسن الخلق، فتلا قوله تعالى: { خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ } (الأعراف، 99) ، ثم قال صلى الله عليه وسلم: " هو أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك " .
من هذا الهدي النبوي يفهم الأبناء أن العفو هو إسقاط للحق بالرضا جوداً وتسامحاً وإيثاراً، فهم يتركون الانتقام لا عجزاً منهم ولا خوفاً ولا ذلاً لأنفسهم؛ وإنما لفهمهم أن ما عند الله أبقى. وبذا يكونون وضعوا أيديهم على أهم أصول التعامل مع الآخرين، وهي أصول متينة بلا شك؛ ويكونوا قد حققوا قوله تعالى: { وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ } فصلت (34) ، وقوله تعالى: { وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا } الفرقان (63).